قـــــــــــــارة آسيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
________________________________________
تعتبر آسيا أكبر القارات من حيث المساحة والسكان، فتشمل 30% من اليابسة، ويعيش عليها تقريب ثلاثة أخماس سكان العالم، وتقع تقريبا في نصف الكرة الشمالي. يحدها شمالا المحيط القطبي الشمالي وبشرقه ممر بيونج الجليدي. وفي الجنوب المحيط الهندي وبالغرب البحرين الأحمر والأبيض المتوسط. وشمال غرب تقع حدودها مع أوروبا. آسيا متصلة مع أوروبا بحيث انه يمكن اعتبراهما قارة واحدة ولكنهما تعتبران قارتين لأسباب تاريخية، وتعتبر جبال الاورال ونهر الاورال الفاصل بينهما. ترتبط مع أفريقيا بشبه جزيرة سيناء وتعتبر قناة السويس الخط الفاصل بينهما. يقطن آسيا اكبر عدد من السكان مقارنة بالقارات الأخرى وفيها اكبر تجمعيين سكانيين في دول وهما الصين (1.3 بليون نسمة) والهند (1.1 بليون نسمة)، كما أن بها أكبر دول العالم وأصغرها مساحة روسيا و هي اكبر دولة عالمية من حيث المساحة بحث تغطي مساحة قدرها 17 مليون كيلومتر مريع، وهنا أصغر الدول مثل البحرين، المالديف، وسنغافورة مساحة كل منها أقل من 780 كيلومتر مربع. أكثر من خمسي بلاد آسيا بها سكان أقل من 6 مليون نسمة. قامت بها أكبر عدد من الحضارات القديمة كحضارات الهند وبابل وسومر وآشور والفرس والصين. وحضارة الفينيقيين والحيثيين والحضارة الإسلامية.
تعتبر آسيا مزيجا من التضاريس والمعالم الأرضية ففيها أطول أنهر العالمن اكبر الصحارى، وأكثف الغابات. بالإضافة إلى أعلى واخفض نقطتين في العالم، حيث قمة افرست في جبال الهملايا ترتفع 8,848 متر عن سطح البحر وبذلك تكون أعلى نقطة في العالم، بينما اخفض نقطة تكون في البحر الميت وعمقها 399 متر تحت سطح البحر بين الضفة الغربية والأردن. زيادة على ذلك فإن دول آسيا فيها نظم سياسية متنوعة، بعض الأنظمة الشيوعية تحكم بدان في آسيا كالصين وفيتنام. بعض الدول لها ملوك كالمملكة العربية السعودية وبوتان. في بعض الدول الخليجية الشيوخ هم حكامها كالبحرين، قطر، والإمارات وهناك أقاليم ذات حكم ذاتي واسع كاقليم كردستان العراق (1992 )والسلطة الوطنية الفلسطينية(1994
تاريخ أسيا
إذا كانت أفريقيا مهد للأجناس البشرية تعتبر قارة آسيا مبعث الحضارات القديمة حيث شهدت عدة حضارات عبر تاريخها الموغل في القدم, وكلها مستقلة عن بعضها. فلقد أظهرت الحفريات أن الإنسان Homo sapiens (الإنسان الحديث) عاش بآسيا منذ آلاف السنين. وهذا ما تشير إليه حفرية جمجمة إنسان بكين التي وجدت قرب منطقة بيجنج بالصين وحفرية جمجمة إنسان جاوة بجزيرة جاوة بإندونيسيا وعمرهما يرجع إلي 500 ألف سنة. وهما من نوع الإنسان المنتصب الذي عاش في آسيا منذ مليون سنة. وهو سلف الإنسان العاقل. وقد أختفي الإنسان المنتصب من آسيا منذ 150 ألف سنة.
أقدم حضارة عرفت قامت في الوديان الكبرى حول أنهار في جنوب غرب آسيا وشمال غرب الهند وشمال الصين. ورغم تعدد هذه الحضارات لكن سماتها الحضارية واحدة. فكلها كانت مجتمعات زراعية قامت بتنظيم نظم الري وترويض الفيضانات. وغارات البدو جعلت هذه المجتمعات تعيش في مدن مسورة للدفاع وتوفر الحماية للقواد الإورستقراطيين. وكان لاختراع المحراث سنة 3000ق.م. ضاعف محصولية الزراعة وقلل الحاجة للأيدي العاملة وجعلت العمال إلي عمال مهنيين. ولوفرة الإنتاج في الزراعة والصناعة جعلت هذه المجتمعات تلجأ لتبادل السلع مع الثقافات الأخرى. ففي بلاد ما بين النهرين (نهري دجلة والفرات )بالعراق وشرق سوريا يطلق عليها مهد الحضارة بآسيا حيث كانت سومر لها ثقافاتها منذ3000ق.م. فلقد قام السومريون بالري عن طريق القنوات واستعملوا البرونز وصنعوا آلاتهم من الحجر المصقول والفخار المشوي المصنوع بالعجلة والمنسوجات وبنوا المعابد والقصور ورحلوا علي عربات لها عجل وأبحروا بالمراكب. وكان لهم تقويمهم الدقيق حيث عرفوا من خلاله الفصول واخترعوا الكتابة المسمارية (مادة) التي أصبحت كتابة (مادة) عالمية. وعبدوا الشمس وكان لهم قانونهم المكتوب. وظلت بلاد مابين النهرين موئلا للحضارة حتى القرن السادس ق.م.وهناك كانت بابل التي حكمها الكلدان من القرن السابع ق,م, وحتى القرن السادس ق.م. وقد أستولي عليها الآشوريون الذين كانوا جيران بالشمال, منذ القرن التاسع حتى القرن السابع ق.م. وفي القرن السادس أصبحت هذه البلدان تخضع للفرس.
ظهرت حضارة أخري متطورة بالهند منذ 2300ق.م. بوادي الهندوس(السند) في شمال غرب الهند وجنوب باكستان. فكما حدث في بلاد مابين النهرين شق الهنود القنوات للري وتضاعفت المحاصيل وتكونت النظم السياسية والاجتماعية. وظهرت المدن وأهمها مدينتا موهنجو دالرو وهرابا وكانتا شوارعهما مستقيمة وبها مياه للشرب بالصنابير. وكان شعب وادي السند يستخدمون العربات المزودة بالعجلات وينتجون المجوهرات والدمي وكان لهم لغتهم المكتوبة. وكانت الهند تتبادل القطن والمنسوجات مع بلاد مابين النهرين. وخلال عامي 1500ق.م. و1200ق.م. داهمت موجات من وسط آسيا منطقة السند ومعهم عرباتهم التي كان يجرها الخيول وخربوا المدن هناك واستقروا أخيرا بوادي نهر الجانجيز بشمال شرق الهند. وكانوا يتكلمون لغة هندو إيرانية قديمة Old Indo-Aryan وهي أقدم لغاتهم الموجودة (كالسنسكريتية). ومنذ 900ق.م. وحتى 500ق.م. قام هؤلاء المستوطنون بإنشاء المدن المستقلة (مدن ولايات ) city-states وكانت كل ولاية تحكم حكما مطلقا. وكانت القنوات للري للزراعة قد شقوها وزرعوا الأرز الذي جلبوه من جنوب شرق آسيا.
في الصين قامت حضارة حوض نهر (هوانج هي) الذي يعرف بالنهر الأصفر مابين سنتي 3000ق.م. و1600ق.م. وكان يضم مجتمعات زراعية كبيرة وكان أهلها يربون دود القز(الحرير)ويغزلون خيوطه وينسجونها . وكانوا يتاجرون في الحرير بواسطة قوافل الجمال عبر وسط آسيا. ورغم أن المجتمع الصيني كان متقدما أم يترك الصينيون سجلات مكتوبة حتى القرن 16 ق. م.وفي عهد مملكة زهوZhou الإقطاعي بالقرن 11ق.م. بسطت نفوذها علي مناطق بشمال شرق الصين حاليا وعلي حوض نهر يانجتزي Yangtze والذي به أبكر كثافة سكانية بالعالم حاليا . وكانت زوهو تستعمل الأسلحة الحديدية وشقا لبطرق وتوسعت في نظم الري. وظهرت القوانين والفلسفة الكونفوشية Confucianism في هذا العهد. وبدأت الحضارات المبكرة تنمو وتتفاعل لمدة 11قرت مابين عامي 500ق.مز وحتى 600م.حيث أخذت الدول تتوسع لبسط نفوذها وتوسيع دائرتها كما فعل الفرس والإغريق. وخلال هذه الحقبة للاتصال والهجرة بين الشعوب انتشرت الديانات الكبرى والفلسفات خارج منابتها.
في سنة 300ق.م. هزم لإسكندر الأكبر الفرس وكون إمبراطورية إغريقية امتدت من اليونان حتي الهند وبعد وفاته بالحمى عام 323ق.م. قسمت إمبراطوريته لثلاث ممالك وقام ملوكها الإغريق بإدخال الثقافة الإغريقية. وكانت المملكة الآسيوية الإغريقية قد انقسمت لعدة ولايات . من بينها ولاية بكتريا التي سيطرت علي التجارة وطرقها من الشرق للغرب ومن الشمال للجنوب حيث كان تبادل السلع بينهم. فكان الحرير الصيني والقطن الهندي يرسل لليونان وروما ومنهما كان يرسل لآسيا الزجاج والذهب والمصنوعات الأخرى. وكانت الثقافة الإغريقية قد وصلت لبكتريا أولا ورغم غزو البدو الكوشيين لها لكن الثقافة الهيللينية ظلت باقية .وكانت اللغة الهيللينية في القرن الأول م. لغة المال والتجارة والدبلوماسية .بعد ذلك دخلت الثقافة الإغريقية والرومانية غرب آسيا ولاسيما في القرن الرابع م. حيث قامت الإمبراطورية البيزنطية.
كان شمال الهند غزاه الفرس والإسكندر وهاجمه الرعاة من آسيا الوسطى تأثرت الثقافة الهندية بثقافات الغزاة. ونجد أن البوذية والهندوسية قد أثّرتا في الفلسفة الإغريقية. وفي شمال غرب الهند ظهر نموذج النحت الإغريقي البوذي. وكان شائعا في القرن الثاني الميلادي. ولتبني شمال الهند للبوذية استطاعت نشرها في آسيا الوسطى والصين. وفي سنة 320م ظهرت العمارة الهندية أيام حكم إمبراطورية جوبتا في وادي الجنجيز ورغم سقوطها في القرن الرابع م. إلا أنها خلفت حضارتها حيث بلغت أوجها في العمارة والفن.
منذ سنة 206 ق.م. وحتى 200م، كان أباطرة عهد هان بالصين لديهم طموحاتهم. فقد بنوا نقاط مراقبة حصينة بالشمال فوق سور الصين العظيم وحواف الصحراء لحماية طرق القوافل التجارية الطويلة من غارات البدو. كان التجار العرب والفرس والهنود انوا يزورون عاصمة إلهان بالصين. وفي عام 195 ق.م. احتلت دولة هان أجزاء من شمال كوريا وأدخلت بها الثقافة الصينية. وبالجنوب دخلت ثقافة الصين فيتنام التي كان قد إحتلها الصينيون لمدة 1000 عام. وكانت حضارة هان قد شهدت تطورا في صناعة الفخار والتماثيل والرسم والموسيقي و الأدب الصيني ولاسيما بعد اختراع الصينيين للورق .وخلال القرنين الرابع والسابع الميلاديين أصبح الكوريون بوذيين واتبعوا الكتابة الصينية. ومن كوريا دخلت الثقافة الصينية جزر اليابان. ومنذ القرن السابع وحتى القرن 18م، شهدت آسيا قوتين أثرتا في أحداث آسيا وهما ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي وانتشاره و اكتساح المغول لمعظم آسيا وتهديد أوروبا بالغزو المغولي الكاسح. لكنهم دانوا بالإسلام وكانوا مصدر قوة له في آسيا ولاسيما بعد إقامتهم للإمبراطورية الإسلامية بالهند.