اول المئة الأوائل

اول المئة الأوائل
________________________________________

نشر منذ سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية كتاب للدكتور : ( مايك هارت ) عنوانه ( المئة الوائل )

وقد أثار الكتاب في حينه ضجة كبيرة هناك , ما لبثت أن انقلبت الى أنحاء كثيرة في العالم : لكون المؤلف وهو غير مسلم - قدم محمدا صلى الله عليه وسلم على غيره من أبرز شخصيات الدنيا وعلمائها وفلاسفتها وأبطالها ومصلحيها وأصحاب الفكر فيها , في التاريخ القديم والحديث .
وجعله اول المئة الأوائل .

والمؤلف مايكل هارت حاصل على عدة شهادات علمية عالية , في الرياضيات والعلوم والقانون والفلك , وقد عمل في مراكز أبحاث الفضاء والفيزياء التطبيقية وفي مراصد الأفلاك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استيعاب شاق للتاريخ

وذكر مؤلف في كتابه - الذي ترجم إلى اللغة العربية - أنه بذل جهدا جبارا خارقا في قراءة تاريخ العالم وحضارته بكل وجوهها , واطلع على حياة وتراجم عشرات الآلاف من الشخصيات التي أثرت في حياة الأمم والشعوب القديمة والحديثة , ثم فرز هذه الأسماء والشخصيات , وظل يصطفيها ويختار الأفضل منها حتى حصرها في مئة شخصية عالمية , ثم رتب هذه المئة وفق معايير وضوابط موضوعية انسانية - حسب اجتهاده - فكان أول هذه المئة هو محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ايماننا مطلق بأولية النبي القدوة

لاشك لدينا - نحن المسلمين - أن تقديم شخصية النبي صلى الله عليه وسلم على غيره من العظماء والفلاسفة والمصلحين والمخترعين في التاريخ كله لا يزيد ولا ينقص من مكانته وقدره فهو سيد الخلق أجمعين شئنا أم أبينا قال الله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) الأنبياء 107 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أهم شخصيات هؤلاء المئة

لقد قدم المؤلف محمدا صلى الله عليه وسلم على المسيح عيسى وعلى موسى عليهما السلام , وعلى ارسطو واينشتاين والاسكندر الأكبر وافلاطون وديكارت وفولتير وماني وقورش وشارلمان ومالتوس وغيرهم ممن ذكرهم في الكتاب , ممن يعتبرون من مشاهير التاريخ الانساني القديم والحديث .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مبررات التقديم على هؤلاء وغيرهم

برر المؤلف اختياره لمحمد صلى الله عليه وسلم وجعله أول المئة الأوائل و كونه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح واعظمه على المستويين الديني والدنيوي .
فهو الذي بدأ الرسالة الدينية وأتمها وآمنت به شعوب بأسرها , ونشر دينا عالميا وأقام دولة بنفسه , في حين أن غيره من الأنبياء والمصلحين لم يفعلوا ذلك ( مع العلم بأنهم قاموا بفعل ما أمرو به وهو دعوة الناس إلى عبادة الله سبحانه وتالى ) .
بل انه هو المي الذي لا يقرأ ولا يكتب وحد القبائل في شعب والشعوب في أمة من خلال الأسس الدينية والتعاليم الدنيوية والأخلاقية التي جاء فيها , فكانت بداية الانظلاق الحضاري في ذلك العصر وفي العصور الاحقة .
وأضاف المؤلف : أن معظم الذين غيروا التاريخ ظهروا في أحد المراكز الحضارية أو المدن الرئيسية المشهورة في العالم القديم , لكن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الوحيد الذي نشأ في بلاد صحراوية جرداء , لا تملك ما هو معروف من مقومات الحضارة والتقدم , ولذلك استحق أن يكون أول المئة الأوائل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معالم أخرى من العظمة المحمدية

يجدر بهذه المناسبة بيان جوانب أخرى من العظمة المحمدية . فقد حفلت سيرة المنقذ الأعظم بجلائل الأعمال , التي يمكن اتخاذها نبراسا للذين يريدون الإصلاح والنهوض , فقد جاء إلى هذه الدنيا والناس عاكفون على أصنامهم وشركهم , غارقون في الحيرة والضلال .
فقام بتحطيم الشرك في عالم النفس والضمير كما حطمه في عالم الواقع والحس , فانحسر حينئذ طوفان الجهالة واستقر التوحيد ينزه الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له مفوا أحد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مع الإصلاح الاجتماعي

وأما الحياة الاجتماعية التي كان يحياها الناس ومافيها من جاهلية وخرافات فقد أبادها النبي وصنع أمة لها خصائص حضارية عالمية , تكرم الانسان وتعلمه العدل والمساواة , وتطبعه على الصدق والوفاء والنبل .
وغذة المرأة في المجتمع الاسلامي إنسانة مكرمة , تعطي من جهدها لهذا المجتمع الذي تنتمي إليه , بعد أن كانت ضائعة القيمة , منسية الذات , محطمة الضمير .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تغيير وبناء ونهوض في فترة وجيزة

لقد حقق رسول الله صلى الله عليه وسلم مهمته التي بعثه الله من أجلها , فبلغ ما أنزل إليه من ربه , ودخل الناس في دين الله أفواجا , وتحققت بشارات الأنبياء السابقين به , فامتلأت الأرض عدلا بعد أن ملئت جوارا , وكان مبعث ذلك العدل من مكة التي بشر بها موسى وعيسى عليهما السلام .
حمل محمد صلى الله عليه وسلم هذه المهمة الجسيمة بنفسه , واستقل بأعبائها وأبلغها كمالها , فآتت أكلها في جزيرة العرب أمام عينيه , وفي العالم الخارجي بعد حين يسير , وقام بتأسيس دولة الإسلام القائمة على دين الإسلام في نحو عشرين عاما , بل في عشرة , لأنه أمضى وقته في مكة بين قوم عميت أبصار كثير منهم عن رؤية الحق فلم يسلموا , ولم يستجيبوا لدعوته .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قائد وامام

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قطب الرحى في نشر الدين وبناء الدولة , فهو المرجع الأزحد في كل الأمور , وهو المدبر المنفذ لكل طارئ , وهو المرشد الهادي للجماعات والأفراد , كما أنه القائد الذي يتقدم جيشه في حمل السلاح .
كان هو إمام الناس في الصلوات وخطيبهم في المواسم , ومستقبل الوفود والمبعوثين , كما كان لإلى كل ذلك يصوم الوصال , ويقوم كثيرا من الليل مصليا متعبدا داعيا متهجدا , أوليس الله تعالى يقول له ( يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ) المزمل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صبر وثبات ومواساة

كانت الحوادث والمفاجآت تنهال عليه صلى الله عليه وسلم انهيال الرمال , فيتلقاها بثبات وتدبير محكم , ويبادرها بهمة شماء وعزيمة قوية , مستعينا بالله الذي لن يخذله .
وفوق هذه المشاغل الفكرية فقد كان يواسي أصحابه في الأعمال البدنية والنفسية , ويتقدمهم ليصنع منهم نفوسا زكية بطريقة الفعل والاقتداء : ولذا رأيناه يوم الخندق ينقل التراب مع أصحابه , ورأيناه يعود المرضى , ويتفقد الضعفاء , ويهدئ روع الخائفين , ويعين العاجزين .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سلوكه صلى الله عليه وسلم في بيته

كان كل ما تقدم في حياته الخارجية , لا يشغله أن يكون مساعدا لأهله في حياته الداخلية " في بيته " , فقد كان يعين زوجاته , ويحلب شاته بيده , ويصلح نعله بنفسه , ويرقع ثوبه , وهو مع ذلك رئيس دولة المسلمين .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

زهده صلى الله عليه وسلم في الدنيا

لقد وقف صلى اله عليه وسلم من الحياة موقف الكريم المتفضل , فأعطاها كل شيء ولم يأخذ منها شيئا , وعاش حياته كلها كالغريب النازح , فلم يتخذ لنفسه قصرا مشيدا ولا فرشا وثيرا , روى الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصيرة فقام وقد أثر في جنبه , فقلنا : يا رسول الله لو اتخذت لك وطاء تجعله بينك وبين الحصير .؟ فقال : مالي وللدنيا , ما أنا إلا كراكب أستظل تحت شجرة , ثم راح وتركها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صفح وعفو عند المقدرة

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ملك صفح , واذا قدر عفا , ألم يقل لأهل مكة يوم الفتح - وهم الذين آذوه وأخرجوه وحاربوه حتى في بلده الجديد " المدينة المنورة " , ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) .؟
يا لسمو هذه النفس !! لأن عفو المرء عن معذبية يحتاج إلى قدر عظيم من الشهامة والصبر , بخاصة عندما يكون أولئك المعذبون تحت رحمته ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

آمال كبيرة تحت نهضة كريمة

ان حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم , مليئة بالأعمال والأقوال التي تصلح أن تكون أساسا لنهضة كريمة يتطلع إليها المسلمون , وحينئذ تكون الحياة ربانية : لأنها حققت السمو الروحي والرخاء المعيشي .
لقد امتدت الشقة بين جيلنا المعاصر والجيل الذي رباه محمدا صلى الله عليه وسلم , وندرت تلك النماذج التي كانت تمثل آثار التربية النبوية , وفتن كثير من شباب المسلمين بالثقافات الدخيلة الغربية الغريبة , فعرفوا عنها أكثر مما عرفوا عن الإسلام ورسوله , فكان لابد من ايقاظ ما همد من روح الايمان , وابراز ماجاء به الاسلام : لتغذية هذا الجيل بالمعاني المحركة للهمم , فيقتبس من نور النبي الذي صنع للتاريخ خير أمة أخرجت للناس , حتى استحق أن يكون وبجدارة - أول المئة الأوائل , وإن كان نبينا صلى الله عليه وسلم , لا يقارن عضمة بالاخرين , فهو قد فاق الآولين والآخرين بشهادة رب العالمين , فصلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين .

تسلم اخوي ع المشاؤكة ونتريا منك المزيد ...........