[right]
صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ
الرياض - ضمن حزمة من الإجراءات بدأت المؤسسات الدينية والتربوية اتخاذها لتحصين المجتمع السعودي ضد "الأفكار المتطرفة"، أعلنت وزارة الشئون الإسلامية في السعودية عن حالة استنفار قصوى في صفوف الأئمة والخطباء، من أجل تحويل يوم الجمعة 4-5-2007، إلى يوم "انتفاضة" ضد الإرهاب.
من جانبها، قررت إدارة التربية والتعليم في منطقة الرياض تخصيص الأسبوع المقبل "لمحاربة الأفكار الدخيلة وتعزيز الأمن الفكري" لدى طلاب 1700 مدرسة في المنطقة.
ووجه صالح آل الشيخ -وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودي- الدعوة لكافة أئمة البلاد؛ لتركيز حديثهم في خطبة الجمعة المقبلة حول خطر الفكر التكفيري على المجتمع، في خطوة وصفتها وسائل إعلام بأنها ستكون "جمعة انتفاضة ضد الإرهاب".
وكشف توفيق السديري -وكيل وزارة الشئون الإسلامية- عن صدور توجيه من الوزارة لكافة الأئمة والخطباء؛ ليكون "الحدث الراهن" محورًا لخطبهم، في إشارة لإعلان وزارة الداخلية الجمعة 27-4-2007 اعتقال 7 خلايا إرهابية، تضم أكثر من 172 عنصرًا.
وبيّن السديري في تصريحات لجريدة "الشرق الأوسط" اليوم الأربعاء 2-5-2007 بأن توجيه وزير الشئون الإسلامية جاء على صيغة تأكيد على ضرورة الحديث عن موضوع الإرهاب.
وقال: "إن الوزير طالب الأئمة ببيان مخاطر الفئة الضالة، وكشف الملابسات حول موضوع الإرهاب والغلو، وفتنة التكفير والتفجير، وكشف الغطاء الشرعي الذي تتكئ عليه هذه الجماعات"، إضافة إلى بيان أنه "ليس هناك مستند شرعي سليم يستندون إليه، وتوضيح موقف أهل العلم حول أعمال هذه الفئة ومنطلقاتهم المنحرفة".
مراقبة الأئمة
وأشار السديري إلى أن وزارة الشئون الإسلامية "ستُخضع كافة خطباء الجوامع للمتابعة والرقابة فيما يتصل بمحتوى خطبهم التي سيسطرونها الجمعة المقبلة".
ولوّح وكيل وزارة الشئون الإسلامية بوجود آليات لمحاسبة المقصرين في تطبيق التوجيهات، قائلاً: "من يقصر في مثل هذه الحالة وغيرها، فهناك آلية معينة ومراحل مختلفة لمحاسبة المقصرين في هذا الصدد".
وأشار إلى وجود برنامج طويل المدى لدى وزارته لمحاربة الأفكار المتطرفة عبر أكثر من 72 ألف مسجد في البلاد، حيث يعتمد هذا البرنامج على أئمة المساجد والدعاة والوعاظ في جانب كبير منه.
وأعلنت السلطات السعودية الجمعة 27-4-2007 أنها اعتقلت 7 خلايا إرهابية تضم 172 شخصًا، غالبيتهم من السعوديين، وبحوزتهم أسلحة وأكثر من 20 مليون ريال. وأثار الكشف عن مخططات هذه الخلايا دعوات من قبل علماء ومثقفين وناشطين إلى إعلان "حالة طوارئ فكرية" لمواجهة العنف، والحد من تجنيد الإرهابيين.
وكان مجلس الوزراء السعودي قد طالب خلال اجتماعه الذي عقد برئاسة الملك عبد الله بن عبد العزيز الإثنين 30-4-2007 أجهزة الدولة والمجتمع بمحاربة الفكر الذي يتستر خلفه الإرهاب "على مستوى الأسرة والكلمة والموعظة والفتوى والعمل الاجتماعي".
أسبوع مدرسي
بدورها قررت إدارة التربية والتعليم في منطقة الرياض تخصيص الأسبوع الذي يبدأ من يوم السبت 5-5-2007 لـ"محاربة الفكر الدخيل"؛ وذلك لتعضيد جهود الدولة في مكافحة الإرهاب.
وأعلن مدير إدارة التربية والتعليم في منطقة الرياض الدكتور عبد العزيز الدبيان أن الإدارة قررت تخصيص "أسبوع لمحاربة الأفكار الدخيلة وتعزيز الأمن الفكري" لدى طلاب 1700 مدرسة في المنطقة، تشمل مختلف المراحل التعليمية.
وأوضح الدكتور الدبيان في تصريحات لجريدة الحياة الثلاثاء 1-5-2007 أن الأسبوع يهدف إلى "تعميق المفاهيم الفكرية الصحيحة عند الطلاب، بقيامها على الوسطية والاعتدال ولزوم الجماعة".
رؤى المفكرين
ويأتي هذا البرنامج ضمن حزمة من البرامج تشمل ندوات وملتقيات تم إطلاقها مؤخرًا بالمملكة، واستهدفت كافة فئات المجتمع، وخاصة الطلاب؛ لتحقيق ما أطلقت عليه "الأمن الفكري".
وكانت مصادر أمنية سعودية رفيعة المستوى قد كشفت مؤخرًا عن تطبيق حزمة من البرامج التدريبية تهدف إلى "تحصين" رجال الأمن ضد الأفكار المتطرفة، وعزوا تطبيق هذه البرامج لاحتمالية أن يكون رجال الأمن يستهدف استقطابهم من قبل "التيارات المنحرفة".
وتذهب خلاصة آراء العديد من المفكرين والكتاب السعوديين التي عبروا عنها في الأيام القليلة الماضية إلى أن وجود "الفكر التكفيري المتشدد" في السعودية يرجع لعوامل خارجية في مقدمتها حالة السخط من السياسات الأمريكية الرسمية في الشرق الأوسط.
كما رصد هؤلاء المفكرون عوامل أخرى داخلية بينها صمت بعض العلماء عن الفكر التكفيري وانشغال ما يعرف بالتيار الليبرالي والتيار الديني بمعارك فكرية مستمرة، إلى جانب عدم توسيع مساحة الحريات الإعلامية والسياسية بقدر يسمح باستيعاب وحضور آراء وتوجهات بنّاءة تستقطب اهتمام قدر أكبر من السعوديين وتبعدهم عن فكر التطرف.
وشهدت المملكة العربية السعودية منذ مايو 2003 موجة من الاعتداءات الدامية والاشتباكات بين قوات الأمن وعناصر يشتبه في انتمائها لتنظيم القاعدة.
وتصاعدت هذه الموجة خلال عام 2004؛ الأمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 من المدنيين ورجال الشرطة والغربيين، إلا أن هذه العمليات انحسرت تدريجيًّا في السنتين الماضيتين بعد أن سجلت قوات الأمن عدة نجاحات في ملاحقة المطلوبين.
ووقعت آخر العمليات الإرهابية في 26 فبراير الماضي، وتم خلالها قتل 4 فرنسيين، وتمكنت قوات الأمن من الكشف عن هوية منفذي الجريمة، وقتلت أحدهم، وهو وليد الردادي، خلال اشتباك معه قبل أسبوعين، كما اعتقلت آخرين على ذمة القضية نفسها.