تابع :
طفولة نازك : سر تكوينها اللامع
إما التمرد فقد كان طبيعة فيها منذ طفولتها .. كانت منزوية وعنيدة متمسكة بآرائها إلى حد يضايق معلماتها وأبويها ، وكانت في نفسها مقدرة على الكتمان والصمت تندر في الأطفال .
وكانت نازك الملائكة سمراء نحيلة الجسم ، سوداء الشعر والعينين لا تعني بهندامها وكانت جدية منذ طفولتها تكره المزاح ويؤذيها إن تعاقب مهما كان العقاب شاملاً لسواها . وكانت تحس بأنها تكره المدرسة من اجل الحساب . أنها تستطيع جيداً إن تفهم اللغة العربية والتاريخ والدين والجغرافية .. .. ولكنها لا تستطيع إن تصطلح مع الحساب . وقد طبعت حياتها وهي صغيرة بطابع من الكآبة والقلق وعدم الثقة بالنفس .. ونازك في الصف الرابع وقد بدأت مظاهر الرومانسية والخيال والشعر تبدو عليها بوضوح .. .. فهي منعزلة خجول تحب المطالعة ، وتحلم كثيراً ، ثم إن صحتها ضعيفة ، وهي دائماً مزكومة .. .. وقد بدأت بوادر التفوق في درس الإنشاء والمحادثة تبهر مدرستها . كانت في البيت خاملة لا تفعل شيئاً ، وقرأت وهي في طفولتها القصص التاريخية القديمة .. وهنا بزغ في حياتها شيء جديد ، إذ سمعت عمتها تغني : " أليل قبرُكِ ربوة الخلد نفخ النعيمُ بها ثرى نجدِ " لم تدر نازك لماذا تأثرت بهذا البيت وما بعده .. وعرفت بافتنان وانبهار انه من مجنون ليلى احمد شوقي…
كانت الطفلة نازك رومانتيكية جداً ، وذاع خبر مفاده أنها شاعرة..! أي نبأ غريب..!
وجاءت اللحظة الحاسمة لتقرأ قصيدتها الجميلة وفي عينيها بداية دموع ..! وعجزت خجلا وهربت .. ولكنها نضجت على مهل في الثلاثينيات في معركة نحوية وفي تلك الأيام تلتهم الكتب النحوية والأدبية القديمة التهاماً . وكانت تجد لذة هائلة في الدراسة وحفظ الشواهد ومناقشة أبيها ولها حب شديد للقاموس في تلك الأيام وتعتمد اعتماداً كلياً على قاموس "اقرب الموارد" للويس شيخ اليسوع ، وهو قاموس مقبول لم تزل تحبه ثم درست نازك على يد أستاذتها المعروفة ماري عجمي واختلفت معها لأن ماري لم تعرف مستوى نازك الأدبي واللغوي ثم اكتشفتها بعد حنق وإساءة وعرفت موهبتها وتنبأت لها بمستقبل أدبي رائع قبل إن تودع العراق .
وأخيرا : ماذا أقول ؟
لابد إن نقول بأن العالم الشعري الذي أنتجته لنا نازك الملائكة بحاجة ماسة للتحليل الذكي ، وهو ينتظر الأجيال القادمة
لدراسته من جديد واستكشاف فضائه بعد حل رموزه كاملة .. ويبقى عالم نازك غريب وجميل .. وآخر ما يمكنني تسجيله هنا : تمنياتنا لنازك بالصحة والعافية وهي ترقد منذ زمن طويل في واحدة من مستشفيات القاهرة وان تعود الينا كما كانت بعون الله .
الخاتمة :
وداعا نازك الملائكة فأنت آخر جيل عراقي من أبناء القرن العشرين سيبقى مخلدا في ذاكرة الزمن ولن ينساك أبناء الرافدين ولا العرب والشعراء ولا حتى الزمن . ورحمك الله يا نازك الملائكة وأسكنك فسيح جناته .
.
مصادر و مراجع :
http://www.study4uae.com/vb/showthread.php?t=12934